عن موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) قال: كنا جلوسا في المسجد إذا صعد المؤذن المنارة فقال "الله أكبر الله أكبر" فبكى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) و بكينا ببكائه فلما فرغ المؤذن قال: أ تدرون ما يقول المؤذن؟ قلنا الله و رسوله و وصيه أعلم. فقال: لو تعلمون ما يقول لضحكتم قليلا و لبكيتم كثيرا! فلقوله الله أكبر معان كثيرة منها أن قول المؤذن الله أكبر يقع على قدمه و أزليته و أبديته و علمه و قوته و قدرته و حلمه و كرمه و جوده و عطائه و كبريائه فإذا قال المؤذن الله أكبر فإنه يقول الله الذي له الخلق و الأمر و بمشيته كان الخلق و منه كان كل شيء للخلق و إليه يرجع الخلق و هو الأول قبل كل شيء لم يزل و الآخر بعد كل شيء لا يزال و الظاهر فوق كل شيء لا يدرك و الباطن دون كل شيء لا يحد فهو الباقي و كل شيء دونه فان.
و المعنى الثاني الله أكبر أي العليم الخبير علم ما كان و ما يكون قبل أن يكون.
و الثالث الله أكبر أي القادر على كل شيء يقدر على ما يشاء القوي لقدرته المقتدر على خلقه القوي لذاته قدرته قائمة على الأشياء كلها إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون.
و الرابع الله أكبر على معنى حلمه و كرمه يحلم كأنه لا يعلم و يصفح كأنه لا يرى و يستر كأنه لا يعصى لا يعجل بالعقوبة كرما و صفحا و حلما.
و الوجه الآخر في معنى الله أكبر أي الجواد جزيل العطاء كريم الفعال.
و الوجه الآخر الله أكبر فيه نفي كيفيته كأنه يقول الله أجل من أن يدرك الواصفون قدر صفته التي هو موصوف بها و إنما يصفه الواصفون على قدرهم لا على قدر عظمته و جلاله تعالى الله عن أن يدرك الواصفون صفته علوا كبيرا.
و الوجه الآخر الله أكبر كأنه يقول الله أعلى و أجل و هو الغني عن عباده لا حاجة به إلى أعمال خلقه.
و أما قوله أشهد أن لا إله إلا الله فإعلام بأن الشهادة لا تجوز إلا بمعرفة من القلب كأنه يقول اعلم أنه لا معبود إلا الله عز و جل و أن كل معبود باطل سوى الله عز و جل و أقر بلساني بما في قلبي من العلم بأنه لا إله إلا الله و أشهد أنه لا ملجأ من الله إلا إليه و لا منجى من شر كل ذي شر و فتنة كل ذي فتنة إلا بالله.
و في المرة الثانية أشهد أن لا إله إلا الله معناه أشهد أن لا هادي إلا الله و لا دليل لي إلا الله و أشهد الله بأني أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد سكان السماوات و سكان الأرضين و ما فيهن من الملائكة و الناس أجمعين و ما فيهن من الجبال و الأشجار و الدواب و الوحوش و كل رطب و يابس بأني أشهد أن لا خالق إلا الله و لا رازق و لا معبود و لا ضار و لا نافع و لا قابض و لا باسط و لا معطي و لا مانع و لا دافع و لا ناصح و لا كافي و لا شافي و لا مقدم و لا مؤخر إلا الله له الخلق و الأمر و بيده الخير كله تبارك الله رب العالمين.
و أما قوله أشهد أن محمدا رسول الله يقول أشهد الله أني أشهد أن لا إله إلا هو و أن محمدا عبده و رسوله و نبيه و صفيه و نجيه أرسله إلى كافة الناس أجمعين بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون و أشهد من في السماوات و الأرض من النبيين و المرسلين و الملائكة و الناس أجمعين أني أشهد أن محمدا (ص) سيد الأولين و الآخرين.
و في المرة الثانية أشهد أن محمدا رسول الله يقول أشهد أن لا حاجة لأحد إلى أحد إلا إلى الله الواحد القهار مفتقرة إليه سبحانه و أنه الغني عن عباده و الخلائق أجمعين و أنه أرسل محمدا إلى الناس بشيرا و نذيرا و داعيا إلى الله بإذنه و سراجا منيرا فمن أنكره و جحده و لم يؤمن به أدخله الله عز و جل نار جهنم خالدا مخلدا لا ينفك عنها أبدا.
و أما قوله حي على الصلاة أي هلموا إلى خير أعمالكم و دعوة ربكم و سارعوا إلى مغفرة من ربكم و إطفاء ناركم التي أوقدتموها على ظهوركم و فكاك رقابكم التي رهنتموها بذنوبكم ليكفر الله عنكم سيئاتكم و يغفر لكم ذنوبكم و يبدل سيئاتكم حسنات فإنه ملك كريم ذو الفضل العظيم و قد أذن لنا معاشر المسلمين بالدخول في خدمته و التقدم إلى بين يديه.
و في المرة الثانية حي على الصلاة أي قوموا إلى مناجاة ربكم و عرض حاجاتكم على ربكم و توسلوا إليه بكلامه و تشفعوا به و أكثروا الذكر و القنوت و الركوع و السجود و الخضوع و الخشوع و ارفعوا إليه حوائجكم فقد أذن لنا في ذلك.
و أما قوله حي على الفلاح فإنه يقول أقبلوا إلى بقاء لا فناء معه و نجاة لا هلاك معها و تعالوا إلى حياة لا موت معها و إلى نعيم لا نفاد له و إلى ملك لا زوال عنه و إلى سرور لا حزن معه و إلى أنس لا وحشة معه و إلى نور لا ظلمة معه و إلى سعة لا ضيق معها و إلى بهجة لا انقطاع لها و إلى غنى لا فاقة معه و إلى صحة لا سقم معها و إلى عز لا ذل معه و إلى قوة لا ضعف معها و إلى كرامة يا لها من كرامة و عجلوا إلى سرور الدنيا و العقبى و نجاة الآخرة و الأولى.
و في المرة الثانية حي على الفلاح فإنه يقول سابقوا إلى ما دعوتكم إليه و إلى جزيل الكرامة و عظيم المنة و سني النعمة و الفوز العظيم و نعيم الأبد في جوار محمد (ص) في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
و أما قوله الله أكبر فإنه يقول الله أعلى و أجل من أن يعلم أحد من خلقه ما عنده من الكرامة لعبد أجابه و أطاعه و أطاع ولاة أمره و عرفه و عبده و اشتغل به و بذكره و أحبه و أنس به و اطمأن إليه و وثق به و خافه و رجاه و اشتاق إليه و وافقه في حكمه و قضائه و رضي به.
و في المرة الثانية الله أكبر فإنه يقول الله أكبر و أعلى و أجل من أن يعلم أحد مبلغ كرامته لأوليائه و عقوبته لأعدائه و مبلغ عفوه و غفرانه و نعمته لمن أجابه و أجاب رسوله و مبلغ عذابه و نكاله و هوانه لمن أنكره و جحده.
و أما قوله لا إله إلا الله معناه لله الحجة البالغة عليهم بالرسل و الرسالة و البيان و الدعوة و هو أجل من أن يكون لأحد منهم عليه حجة فمن أجابه فله النور و الكرامة و من أنكره فإن الله غني عن العالمين و هو أسرع الحاسبين و معنى قد قامت الصلاة في الإقامة أي حان وقت الزيارة و المناجاة و قضاء الحوائج و درك المنى و الوصول إلى الله عز و جل و إلى كرامته و غفرانه و عفوه و رضوانه .
قال مصنف هذا الكتاب إنما ترك الراوي لهذا الحديث ذكر حي على خير العمل للتقية
و قد روي في خبر آخر أن الصادق (ع) سئل عن معنى حي على خير العمل فقال خير العمل الولاية و في خبر آخر خير العمل بر فاطمة و ولدها (ع).